منتديات تدلـل1

منتديات تدلـل1 (http://tdll1.net/vb/index.php)
-   نفحآتـ إيمآنية (http://tdll1.net/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   رسالة للغافلين (http://tdll1.net/vb/showthread.php?t=29195)

تفوق الوصفَ ، 07-31-2020 03:40 AM

رسالة للغافلين
 






رسالة للغافلين

الحمد لله رب العالمين، المتصرف في عباده بما يريد {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}1، العزيز في قهره، الغالب على أمره، الحكيم في شرعه {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}2 الحمد لله معز من يشاء بفضله، ومذل من يشاء بعدله، يرفع من يشاء، ويضع من يشاء، يحيي من يشاء، ويميت من يشاء {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}3، أحمده شاكراً طائعاً، وأعبده صاغراً خاضعاً، وأؤمن بربوبيته مخلصاً موحداً، وأوقن بالمعاد مصدقاً معتقداً، وأشهد أن لا إله إلا الله منشئ الأمم ومبيدها، ومنشر الرمم ومعيدها، لا مشارك له فيما خلق، ولا مشاجر له فيما قسم من العطايا ورزق، وأشهد أن محمد عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين، وحجَّة على العباد أجمعين؛ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها المسلمون:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس ليمتأخر عنه ولا متقــدم
أجد الملامة في هواك لذيــــذةحباً لذكرك فليلمني اللوم
ذكر الله - تعالى - آيات وأحاديث كثيرة تمدح الذاكرين له، وتثني على المخبتين الذين إذا ذُكِرَ اللهُ وجلت قلوبهم، والذين تتجافى جنوبهم عن مضاجعها لتناجي ربها، وتسعد بالوقوف بين يديه.
قلت لليل: هل في فؤادك سر يــا خفي الأخبار والأسرار
قال: ليس في فؤاديَ ســر كحديث الأحباب في الأسحار
إنه ذكر الله أيها المسلمون، الكفيل بأن يطارد فلول الأزمات، وأن يهزم جيوش المصائب والنكبات، والكوارث والملمات، وهذا هو وعد من لا يخلف الميعاد: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}4، لكن إخواني كيف هي حياة من نسي ذكر ربه، وغفل عن مناجاة خالقه، وجعل ذكر ربه وراءه ظهرياً، وكلام مولاه مهجوراً؟
تعالوا بنا نتعرف ما هي عاقبة هؤلاء، وكيف هي نهايتهم.
يقول الحق سبحانه: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}:
- فمن أول عواقب هؤلاء الغافلين الناسين ذكر ربهم أن الله لا يبالي بمن نسي ذكره في أي وادٍ هلك، بل يكله إلى نفسه الضعيفة الظالمة الفقيرة قال ابن كثير - رحمه الله -: {نَسُوا اللَّهَ} أي: نسوا ذكر الله {فَنَسِيَهُمْ} أي: عاملهم معاملة من نسيهم، قال: وفي الصحيح: ((أن الله - تعالى - يقول للعبد يوم القيامة: ألم أزوجك، ألم أكرمك، ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، فيقول الله - تعالى -: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول الله: اليوم أنساك كما نسيتني))!!
نعم هؤلاء هم المنافقون الذين جمعوا مع طامة النفاق نسيان ذكر الله - تعالى -، وقد وصفهم الله - تعالى - بأنهم: {وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}5، فكانت لهم القاصمة في يوم الطامة الكبرى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}6.
- ومن عواقب نسيان الذكر: أن يُنسيك الله مصلحة نفسك في الدنيا والآخرة، فلا تعمل لنفسك ما يسعدها في الدنيا، وينجيها في الآخرة {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}7 قال ابن القيم - رحمه الله -: "أنساه نفسه أي أنساه مصالحها، وما ينجيها من عذابه، وما يوجب له الحياة الأبدية، وكمال لذتها وسرورها ونعيمها، فأنساه الله ذلك كله جزاء لما نسيه من عظمته وخوفه، والقيام بأمره، فترى العاصي مهملاً لمصالح نفسه، مضيعاً لها، قد أغفل الله قلبه عن ذكره، واتَّبع هواه، وكان أمره فرطاً: قد انفرطت عليه مصالح دنياه وآخرته، وقد فرط في سعادته الأبدية، واستبدل بها أدنى ما يكون من لذة، إنما هي سحابة صيف، أو خيال طيف
أحلام نوم أو كظل زائل إن اللبيب بمثلها لا يخدع
وأعظم العقوبات نسيان العبد لنفسه وإهماله لها، وإضاعته حظها ونصيبها من الله، وبيعها ذلك بالضن والهوان، وأبخس الثمن، فضيع من لا غنى له عنه، ولا عوض له منه، واستبدل به من عنه كل الغنى، أو منه كل العوض
من كل شيء إذا ضيعته عوض وليس في الله إن ضيعت من عوض
فالله سبحانه يعوِّض عن كل شيء سواه ولا يعوَّض منه شيء، ويغني عن كل شيء ولا يغني عنه شيء، ويمنع من كل شيء ولا يمنع منه شيء، ويجير من كل شيء ولا يجير منه شيء، كيف يستغني العبد عن طاعة من هذا شأنه طرفة عين؟! وكيف ينسى ذكره، ويضيع أمره؛ حتى ينسيه نفسه فيخسرها ويظلمها أعظم الظلم، فما ظلم العبد ربه، ولكن ظلم نفسه، وما ظلمه ربه ولكن هو الذي ظلم نفسه"8.
- ومن عواقب نسيان الذكر كذلك: أن نسيان ذكره - تعالى - من أعظم أسباب العداوة والبغضاء قال سبحانه: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}9، نعم فإذا نسي الأخ أو الأخت ذكر الله الذي يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}10 عادى آخاه وظلمه، وإذا نسي المسلم أو المسلمة ذكر الله الذي يقول: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}11 اختل عنده ميزان الحكم على الناس، فيتكبر الغني على الفقير، والقوي على الضعيف، والرئيس على الرعية، وتتكبر صاحبة الجمال على أختها، وصاحبة المال على زميلتها، والسبب؟ {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } نسوا ذكر الله فلعب بهم الشيطان.
- ومن عواقب نسيان ذكر الله - تعالى -: أنه يكون سبباً رئيساً، وطريقاً ممهداً، ووسيلة سهلة لهلاك الأمم، وحلول العقوبة، ونزول الكارثة قال الحق سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}12، وقال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}13 قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: "أي أخذهم عذابنا من حيث لا يشعرون، قال: الحسن من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر إليه فلا رأي له، ثم قرأ هذه الآية {حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}، وقال: مُكر بالقوم ورب الكعبة، أُعطوا حاجتهم ثم أُخذوا، وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك منه استدراج، ثم قرأ: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}14 والإبلاس هو اليأس من النجاة عند ورود الهلكة، وقال ابن عباس: أيسوا من كل خير، وقال الزجاج: المبلس الشديد الحسرة، اليائس الحزين"15، وما سمي إبليس إبليساً إلا لأنه أُبلس من رحمة الله - تعالى - أي قنّط منها وأُيّئس {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}16.
نسيان ذكر الله - تعالى - من أعظم أسباب البوار والشقاء والخسارة في الدنيا والآخرة قال المولى - جل وعلا -: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا}17، واسمع إلى هذه الحكاية العجيبة التي تبيِّن هذا المعنى وتجليه، وتحذر من الغفلة عن ذكر المولى في كل لحظة وسكون وحركة: ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في كتابه "البداية والنهاية" في حوادث سنة ثماني وسبعين ومائتين ما يلي بتصرف قال: "وفيها توفي ابن عبد الرحيم - قبَّحه الله -، هذا الشقي كان من المجاهدين كثيرًا في بلاد الروم، فلمَّا كان في بعض الغزوات، والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم؛ إذ نظر إلى امرأة من نساء الروم في ذلك الحصن، نظر فهَوِيَهَا، ثم راسلها: هل إليكِ من سبيل؟ فقالت: لا سبيل إلا أن تتنصر، وتتبرأ من الإسلام، ومن محمد!! (صلى الله وسلم على نبينا محمد)، فأجابها، وقال - ونعوذ بالله مما قال -: هو بريء من الإسلام ومن محمد - صلى الله وسلم على نبينا محمد -، وتنصَّرَ وصعد إليها!! وما راع المسلمين إلا وهو عندها، فاغتمَّ المسلمون لذلك غمًّا شديدًا، وشق عليهم ذلك مشقة عظيمة، صَدْرٌ وَعَى القرآن يعود ليعبد الصُّلبان!!
ولما كان بعد فترة مرُّوا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن، عليه ذلّ الكفر وغبرته وقترته، فقالوا: يا ابن عبد الرحيم ما فعل علمك؟ ما فعلت صلاتك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعل القرآن؟ فقال في حمأة ذل الكفر: أُنْسِيتُه، ما معي منه سوى آيتين، لكأنه المَعْنِيُ بهما {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَأكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}18، ولقد صار لي فيهم مال وولد!!
{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} لا إله إلا الله، نعوذ بالله من الحَور بعد الكَور، نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، نعوذ بالله أن نُردَّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله.
أيها المسلمون: أنظروا لهذا الرجل، وسبب هلاكه: إنه نسيان ذكر ربه الذي يقول: {قُل للْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، لقد أتبَعَ النَّظْرة النظرة، والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس، وكم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل والآلام والحسرات.
كان كمن أدخل في جحر يداً فأخطأ الأفعى ولاقى الأسْوَدَ
إن المعاصي بريد الكفر، وما من معصية إلا جرَّت أختها وثالثة ورابعة، حتى كانت النهاية أن يُسْلب إيمان العبد - نسال الله الثبات على دينه - وهذا مَثَلٌ من الأمثلة، فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرِّف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك، ويا رب ثبتنا على الإيمان، ونجِّنَا من سُبُل الشَّيطان.
واعلم أيها الأخ المسلم الحبيب أنني عندما أحذر نفسي وإياك من نسيان ذكر الله - جل وعلا - فإن هذا من أبلغ النصح، وأتم المحبة، وأعظم الإشفاق، لأن الله - عز وجل - قد حذر أحب الخلق إليه وأقربهم منه فقال محذراً نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن ينسى ذكر ربه وهو سيد الذاكرين {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} يعني يا محمد لا تنس ذكر ربك، ولو حصلت منك غفلة أحياناً فأنساك الشيطان، ثم ذكرت وانتبهت؛ فليكن ذلك في أسرع وقت، وبلا تردد {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} "فلا" بفاء التعقيب التي لا تحتمل تردداً ولا تراخياً، ولم يقل " ثم"؛ لأن "ثم" تكون للتراخي في لغة العرب، وسيكون معنى الأية حينئذ أنك لو عملت بذلك بعد فترة طويلة من الزمن فلا حرج عليك، لكن الله قال لنبيه {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} فإن أردتَ أن تكون من أهل ذكره - تعالى - فلا تقعد في مجالس الظالمين التي هي مجالس الغيبة والنميمة والسخرية من المسلمين والكذب، والسب والكلام الفاحش، والقيل والقال؛ فإنه من جالس قوماً عُدَّ منهم قال الله - تعالى -: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ }19 قال الشنقبطي - رحمه الله -: "وبيَّن أن من جالسهم في وقت خوضهم فيها مثلهم في الإثم بقوله: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}"20، إلا أن تجلس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فتلك أعظم مهمة، وأرفع وظيفة، وأعلى مصلحة.
فبادر أخي بذكر ربك قبل أن يرمي بك في وديان الدنيا ثم لا يبالي بك متى هلكت، واجعل قلبك روضة من الذكر والتسبيح، والتهليل والتحميد.
أخي المسلم أختي المسلمة: إذا عملت ذلك فأبشر عند ذلك، أبشر بذكر الله - تعالى - لك في الملأ الأعلى، وبنور الله في قلبك، وبحفظك في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وأبشر بالرعاية والتأييد، والنصرة والبركة في أهلك وولدك ومالك، وأن يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقك من حيث لا تحتسب، ويهون عليك مصائب الدنيا ونكباتها.
نعم: إنه الوعد الذي لا يتخلف{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}21، {إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}22، والجزاء من جنس العمل.
اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.
.................................................. ..........................
1سورة الأنبياء (23).

2سورة الأنعام (18).
3سورة آل عمران (26).
4سورة طه (123).
5سورة النساء (142).
6سورة النساء (145).
7سورةالحشر (19).
8الجواب الكافي (ج1/ص78).
9 سورة المائدة (14).
10سورة الحجرات (10).
11 سورة الحجرات (13).
12سورة الأعراف (165).
13سورة الأنعام (44).
14 رواه أحمد برقم (17311) الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (413).
15الكبائر (1/227).
16سورة ص (78).
17سورة الفرقان (17-18).
18 سورة الحجر (2-3).
19سورة النساء (140).
20أضواء البيان (1/485).
21سورة البقرة (152).
22سورة آل عمران (9).
[/quote]


الساعة الآن 02:05 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

This Site Uses The Product: 7elm V 2.6