الموضوع: كيف نقطف الالم
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-03-2020, 10:49 PM
رسين المهرة غير متواجد حالياً
الدوله     الجنس
أوسمتـــي ~
وسام العطاء وسام الأبداع 
لوني المفضل : Darkgoldenrod
رقم العضوية : 6751
تاريخ التسجيل : Dec 2018
فترة الأقامة : 1946 يوم
أخر زيارة : 08-31-2020
المشاركات : 4,780 [ + ]
عدد النقاط : 300
قوة الترشيح : رسين المهرة is a jewel in the roughرسين المهرة is a jewel in the roughرسين المهرة is a jewel in the roughرسين المهرة is a jewel in the rough
افتراضي كيف نقطف الالم



كيف نقطف الالم


فُوجئت المصمّمة الشابة، أماني سلمان السعد، وهي تقوم بالعمل على أحد
مشاريعها الفنية أنها لا تستطيع التحكم في أطرافها.

راجعت أكثر من طبيب في لندن، التي تبتعث للدراسة فيها، لكن كل طبيب كان يعطيها
تشخيصاً مختلفاً إثر صعوبة قراءة أشعة الدماغ وتعقد ظروفها الصحية.
زاد وضعها سوءاً عندما شخّصها أحد الأطباء بإصابتها بمرض تصلُّب الأنسجة
المتعدّد الذي يتسبّب تدريجياً في تدمير الخلايا العصبية.
عاشت أماني وضعاً نفسياً صعباً.
كانت تتساءل: كيف ستعيش؟ كيف سترسم؟
هل ستستطيع أن تقف؟ هل ستفقد القدرة على الكلام؟
كان رأسها المتعب يضج بالأسئلة بينما والدها يحمل أشعتها المقطعية من طبيب إلى آخر،
بحثاً عن إجابة مطمئنة أو علاج يحمي ابتسامة ابنته.

استدعى استشاري أعصاب بعد أسابيع من البكاء والنحيب والتكهنات، أماني لكشوف إضافية وأشعة جديدة.


كشفت الفحوص الأخيرة أن ما تعانيه أماني هو (التهاب في الدماغ) تستطيع أن تتجاوزه
- بمشيئة الله - بعد الخضوع إلى العلاج المكثّف المطلوب.



غيّر المرض طريقة تفكير أماني تماماً رغم تماثلها للشفاء.
أصبحت شخصاً آخر. انتهجت خطاً فنياً جديداً. باتت تقدم لوحاتها وتصاميمها بطريقة مبتكرة من وحي معاناتها.
ترسم مشاعرها على صورة أشعة رأسها المقطعية.
لفتت أماني الأنظار في مشاركتها في معرض الرسم الرقمي في تشيلسي وغيرها من المعارض الذي شاركت فيها بعد مرضها.



كانت لوحاتها تثير أسئلة واهتماماً كبيرين جعلها محور حديث الزوّار.
برزت لأماني لوحة ذكية رسمتها على صورة من أشعة رأسها. ووضعت في مكان الالتهاب في دماغها
الذي كان مصدراً لقلقها وردة تضيء وسط الظلام محاطة بالآية الكريمة:
"قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".
تميّزت أماني بلون جديد أثار الإعجاب والتقدير وأسَّس لمستقبل واعد في انتظارها.
استطاعت أماني أن تحوّل الألم إلى ورد.



فرغم أنها لا تزال تعاني تداعيات المرض وإرهاصاته إلا أنها لم تتوقف، بل تأملت فيما تملك وحرصت
أن تستثمر كل خلاياها الإبداعية في سبيل إشاعة العطر في الأرجاء.

يقول بدر شاكر السياب:
"لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم،
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعض الكرم".
نغفل دائما أن للابتلاءات جوانب مضيئة ومشرقة وإيجابية تجعلنا نشعر بحجم
الكثير من النعم التي كنا لا نستشعرها ونشعر بها.

إن آلامنا مثل الورد، تضيء حياتنا، بعد أن ننتزع منها الشوك، ونقطفها بحذر.



رد مع اقتباس