:: أنك حرٌّ أم عبد ::
اللهم صلِّ على محمد وال محمد وعجل فرجهم..
إن ما يجب عليك أن تتأمل فيه هو : أنك حرٌّ أم عبد ، فإن كنت حراً فاعمل ما تشاء ، وإن كنت عبداً معترفا بمولاك ، فعليك أن تستعدّ للجواب يوم ينادي : {وقفوهم إنهم مسؤلون} . الصافات/24 ، ولو كان السؤال عن تحريك جارحة من جوارحك !.. وعليه فلا بد من أن يكون سعيك في تحصيل رضا المولى وإن لم يرضَ عنك الآخرون ، ومن الواضح أن رضاه لا يتحصل إلا بتقواه .
واعلم أن الغرض الأصلي من الخلق ، لا يتم إلا بتحقق علاقة الحب والمعرفة بين العبد ومولاه ، وموجبهما هي التقوى وتحصيلها يحتاج الى أمور:
الأول : اجتناب المعاصي ، وذلك بمعرفتها بتفاصيلها ومنها ترك الواجبات ، وهو يستلزم أيضا معرفتها بتفاصيلها بمقدار وسعه فيما يُبتلى به.
فإن قلت : كيف لي بترك المعصية رأساً ، فإن العبد في معرض الابتلاء بالمعصية دائماً ؟.. قلت: نعم ، ولكن يمكنك التوبة بعد كل معصية فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، فإن من قتل سبعين نبياً يمكن أن تُقبل توبتُه ، والمولى الحليم قادر على أن يُرضي الخصماء بما شاء ، وذلك من معدن جوده وكرمه.
الثاني: اجتناب المكروهات والعمل بالمستحبات بما أمكن ، ولا ينبغي التذرّع بالقول أن كل مكروه جائز ، إذ لعل ترك مكروه واحد أو العمل بمستحب كذلك يقع موقعاً بليغاً عند المولى فيقرّبك إليه زلفى .. وهذا ما نلاحظه في العرف أيضاً ، إذ قد يسدي أحدهم إليك معروفاً يقع منك موقعا لا تنساه أبد الآباد.
الثالث: ترك المباحات الزائدة عن مقدار الضرورة .. فإن الشارع المقدس وإن أباح الكثير من المباحات لأهل الدنيا إلا أنه - يريد في الباطن - أن لا ينشغل العبد بغيره ، ولذا يحسن بالعبد اجتناب هذه الزخارف - وإن لم تكن حراماً - عملاً بميل مولاه واقتداء بالمعصومين (عليهم السلام).
الرابع: إخراج ما سوى الله تعالى من قلبه ، إذ القلب حرم الله فلا تُسكن حرم الله غير الله . البحار 67/25.. فإن قلت : كيف يتيسر لي ذلك مع الانشغال بالأهل والعيال فهو كالمحال عرفاً ؟!.. قلت : إن من ينبغي الاجتناب عنه هو من يصدّك عن ذكر الله تعالى ، وحينئذ ينبغي التعامل معه بالمقدار الواجب، وأما من يذكرك بالله تعالى رؤيته فلا منع عن مجالسته ، بل قد ورد الأمر به كما روي عن المسيح عيسى (عليه السلام) ...
نسألكم الدعاء ..
^^^بنـــــــتــ الحســـــــا ســــــابقاً^^^
|