الحب من النظرة الأولى قط ينتظر الفريسة

تفاعلات حيوانية
الحب من النظرة الأولى قط ينتظر الفريسة


"الحب من أول نظرة" سهم يصيب القلوب فجأة دون سابق إنذار وآن معه الأوان للارتباط بالشريك المناسب أو قد تكون بداية للعيش فى وهم كبير ويتبين للطرفين أنه ما إلا هو إلا حب مراهقين وسرعان ما ينتهي معه مفعول التركيبات الكيميائية أو "ضربة الصاعقة".
حلل بعض علماء علم الاجتماع بسوريا فى دراسة سابقة أن "الحب من النظرة الأولي" هو مشاعر يكون الإنسان مهيأ للوقوع فيها قبل سن العشرين ، فيبدأ القلب بالخفقان والرقص ترحيبا بالقادم من بعيد وكأن العالم من حوله تغير في لحظة وانقلب ولم يبق منه سوى شخص اهتزت له مشاعره.
هذا التفاهم الروحي من وجهة نظرهم يتم بلحظة غير متوقعة بين الشاب والفتاة يسمي "الحب من النظرة الأولى"، أو حسب ما أطلق عليه احد الفلاسفة "ضربة الصاعقة" ، ولكنهم أجمعوا على أنه غالبا ما يكون غير جاد ، ولا يمكن بناء أسرة سليمة من خلاله خاصة أن المسؤوليات الملقاة على عاتقهم كبيرة لا تسمح لهم بالدخول في علاقة يكون أساسها حب من النظرة الأولى.
حب حيواني الأصل
وصدر مؤخراً كتاب يحمل سمة من الطرافة للدكتورة الأمريكية هيلين فيشر، من دائرة علم الإنسان في جامعة كولومبيا،بعنوان "لماذا نقع في الحب" أكدت من خلاله أن هذه الحالة التي نسميها الحب من أول نظرة، قد ورثناها عن الحيوانات، وتحديدا عن الثدييات!
وضربت خلال الكتاب بعض الأمثلة عن حيوانات حقيقية وقعت في الحب من أول نظرة مع قرين لها دون غيره من سكان الشوارع أو المنازل أو حدائق الحيوان المنتشرة في العالم، أحد تلك الأمثلة "كلبة" كانت تعيش وسط مجموعة من الكلاب ولم تكن تهتم بأي منها. لكن عندما حل ضيف جديد على المجموعة وقعت في غرامه من أول نظرة، فراحت تعوي بطريقة غريبة، وظلت تتابعه بنظراتها وتلاحقه أينما ذهب ، فعلت المستحيل لإفهامه ، أنها مهتمة به.
وذكرت مجموعة كبيرة من الأمثلة المشابهة عن حيوانات من كل الفصائل، الفيل وقرد البابون والأورانج أوتان حتى الكلاب والقطط، لتؤكد أن الإنسان ورث عن الحيوانات دوائر الدماغ الكهربائية المتعلقة بذلك الشعور الجارف والعفوي الذي تعارفنا على تسميته الحب من أول نظرة. والسؤال الأول هو "كيف؟".
كيف يحدث ؟

أجابت الاستشارية فيشر على هذا السؤال بحسب جريدة "القبس" قائلة : أي أنثى تعيش منذ قديم الأزل دورتها الشهرية. البعض منهن تستمر دورتها ساعات معدودة، أو لبضعة أيام والبعض الآخر تستمر لعدة أشهر، لكن الأنثى تريد أن تشعر بسرعة بأنها مرغوبة ومطلوبة خصوصا في فترة الدورة وما حولها، قبل أو بعد، لأنها لا تستطيع الانتظار شهرين أو سنتين لمناقشة وتمحيص خطط المستقبل، بل هي ترغب في اللقاء والتزاوج وتربية الأطفال.
وتضيف فيشر : اليوم، الأمور لم تتغير كثيراً، فاللقاء الأول لا يزال حاسماً جداً وبالغ الأهمية، فمعلومات قليلة جداً عن القادم الجديد، أو حتى من دون أي معلومات مسبقة، نشعر نحوه أو نحوها بالميل أو بالنفور.
ويقول المتخصصون ان الدقائق الثلاث الأولى في أي لقاء بين غريبين هي التي تحدد إن كان هناك تجاذب أو نفور. ويعطي هؤلاء مثالا الرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون الذي وقع- حسب اعترافه- في غرام ماريا كوسوي بعد دقائق قليلة من لقائهما الأول، واستمر زواجهما حتى وفاته.
الرجل أم المرأة ؟
وتساءلت فيشر للمرة الثانية "من هو الأسرع في الوقوع في الحب من النظرة الأولى؟" أجابت بأنه الرجل، والسبب المرجح هو أن الدوائر الكهربائية المتعلقة بالحب والعواطف في دماغ الرجل تتأثر بسرعة برؤية الطرف الثاني أكثر مما يحدث في دوائر دماغ المرأة ، فالبعض يسمي حب النظرة الأولى "كيمياء المشاعر"، إما أن تتفاعل بسرعة ونشاط، وإما لا، كما هو الحال في مختبرات الكيمياء المدرسية.
لكن في المقابل، هناك من يقول إن التفاعلات الكيميائية ليست كلها متشابهة ، فبعضها سريع وبعضها بطيء، أي أن الدقائق الأولى للقاء بين اثنين قد لا تكون هي الحاسمة دائماً، وقد يحتاج الأمر لبعض الوقت، على أساس أن التفاعل الكيميائي بينهما من النوع البطيء.
هل هو حب حقيقي؟
أما السؤال الثالث الذي طرحته فيشر فى الكتاب "هل الشعور المتولد من النظرة الأولى حب حقيقي أم مجرد شهوة ورغبة مؤقتتين؟" لم تستطع فشر إعطاء إجابة محددة ومقنعة عن هذا الأمر مشيرة إلى أن كل الاحتمالات واردة لأن هذه النوعية من المشاعر هي نتيجة لمجموعة كبيرة من أعمال الدوائر الكهربائية في دماغ الإنسان، فقد يرتبط رجل وامرأة بعلاقة لا تعرف الحب، وفي المقابل قد يقع رجل وامرأة في الحب من دون وجود أي علاقة تربط بينهما ، هنا يتساءل المرء عما إذا كان عامل الجنس والرغبة قد لعب دوراً في عملية الانجذاب السريع.
أحد الباحثين في مثل هذه الأمور أطلق وصفاً ظريفاً على الحب من أول نظرة فقال أن الدوائر الكهربائية المتخصصة في الحب والعواطف في دماغ الإنسان أشبه بقط نائم وإحدى عينيه مفتوحة، في انتظار اللحظة المناسبة للقفز والانقضاض على الفريسة ، وهي فريسة من الجنس الآخر!
يدوم بشروط

الدكتورة سمية إبراهيم أستاذ الطب النفسي بجامعة بنها تؤكد أن من الممكن أن يدوم الحب من النظرة الأولى فقط في حالة إذا ما أدرك الطرفان ضرورة تحويل هذا الإعجاب الفوري إلى علاقة جادة ذات أبعاد حقيقية .
مشيرة إلى أن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيفما شاء ومن الممكن أن يرتبط شخصان بالحب من النظرة الأولى ولكنه يظل إعجاباً ظاهرياً، أما إذا أرادا تتويج العلاقة بالزواج فهذا أمر مختلف يتطلب تعرف كل طرف بالآخر بشكل أكثر عمقاً ومعرفة طباعه وطريقة تفكيره وكافة التفاصيل المتعلقة به وبحياته ليعرف ما إذا كان سيستطيع كل منهما إكمال الحياة مع الطرف الآخر أم لا ، ولكن الكارثة التي تحدث دائماً في حالات الحب عموماً وفي هذا النوع تحديداً، أن العاطفة تتحكم في تفكير الطرفين فلا يمنحان أنفسهما الفرصة لاختبار تلك المشاعر.