الملل ممنوع مع ترانيم

لآ أدري ما الذي أصاب ترانيم . لم تسألني , كعادتها , عن حفلات عيد ميلادها , لم تذهب الى المتجر الأنيقة , لشراء فستان للسهرة . لم تحادث صديقاتها ولم تخطط لحفل أو سهرة أو سفر من نوع. انها ساكتة لا تتحمس لحديث ولا لفكرة ولا لقضية , كأن ليس هوعيدها كأن لسانها لا يقوه على الكلام , وسلبت منها القدرعلى الأهتمام في السابق كنت أشعربالتعب من الحيوية الزائدة لترانيم , كانت تبحث في كل يوم عن جديد . تبدأ نهارها قبل طلوع الشمس ولا تنهي دورانها الا مع النجوم كنت أسميها النحلة التي لا تتعب من جمع العسل وانتاج العسل وتوزيع العسل على كل الأهل والصديقات . وعسل ترانيم لذيذ الى حد الحب لكنه يسرق كل لحظة . ويقضي على كل دقيقة من وقت الراحة وقدعاهدتني عندما تعرفت اليها على أنها سوف تعطيني ضمانة ممهورة وموقعة ومصدقة من أناس ثقات بأنني لن أضجرمعها ثانية وأحدة وقد تلقفت عهدها بكل ما أملك من
لهفة لأن الضجر هوأفة هذا العصروسعيد هو ذاك الذي يقع
علي امرأة مثل ترانيم تشبه المكوك الذي ينبض بالحركة والروايات والنكات أو تشبه عقارب الساعة التي تدور عكس
الزمن أن من يعيش الى جوارها لا يكبرعلى الرغم من أنه يتقدم في العمرومن يهرفها لا يشيخ على الرغم من أن الشيب
يغزو رأسه ..
ثم فجأة توقفت الساعة وسكن النبض وراح المكوك في أجازة أسألها عما بها فتقول لي ان الدنيا فيها شيء ليس على مايرام
شيء خطآ نقص في مكان ما خلل في المفاصل الجانبية هبوط في البطارية أن ترانيم غير قادرة على التخلي عن لغة
المزاح ولاعن قاموس النكتة حتى وهي في أسوأ حالاتها ماذا
تريدين ياترانيم ؟ ماذا أصبك ؟ ماهي علتك ؟ تقول انها طبيعية لكن العلة في الأخرين كيف؟ أنهم فارغون من اللهب انطفأت نارهم وهم في عز الشباب يتوكأون على جدران أيامهم رغم أن كل ما حولهم يدعوهم الى القفز والنط والجري والوثوب لقد أصابتها عدواهم بل انها مرهقة من كثرة ماقامت بدور المحرك لذات في قلوب لا تنبظ بلا عبرات أنا مرتاح الى كلامها ولكني حزين وأنا أري ترانيم
غارقة في الأريكة مثل فستان يحتاج الى من يكويه ويعيد اليه رونقة أسألها : (هل تسعدك باقة من النرجس ..زهرتك المفضلة ؟ هل أشتري لك كتابآ مسليآ ؟ أسطوانة شاعرية ؟ خاتمآ فضيأ في لون أناملك ؟ هل تذهبين معي لزيارة رفاق
المنتدى ؟ هل نبحرفي زورق شراعي ؟ هل أدهن جدران غرفتك بالأخضر؟
ترانيم لاتتحمس لأي اقتراح تقوم الى فراشها وتغطي نفسها حتى الرأس وتنام مثل نومة أهل الكهف تنام عشر ساعات وأنتهز الفرصة فانصرف الى كتبي وأوراقي أدير مواشر المذياع على محطات عالمية أوأستمع الى سيمفونية مع تلك
الألحان عشقها ترانيم ,
وفي تلك الساعة العاشرة تفتح عينيها وكأنها لم تغف لحظة تهب من فراشها وتغسل وجهها وتجهز نفسها في ثلاث دقائق
وتقف أمامي مثل المكوك المستعد للانطلاق أين باقة النرجس ياحبيبي ؟