اللهم صل وسلم على سيدنا و نبينا محمد وآله وصحبه اجمعين


التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم    المشرفة المميزه 
قريبا

بقلم :

قريبا

العودة   منتديات تدلـل1 > المنتديات الادبيه > متنفس الحرف

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 09-03-2012, 05:47 PM
حسن 10 غير متواجد حالياً
لوني المفضل : Cadetblue
رقم العضوية : 2350
تاريخ التسجيل : Mar 2009
فترة الأقامة : 5503 يوم
أخر زيارة : 07-26-2020
المشاركات : 2,437 [ + ]
عدد النقاط : 210
قوة الترشيح : حسن 10 has a spectacular aura aboutحسن 10 has a spectacular aura aboutحسن 10 has a spectacular aura about
027 الأم في التراث العربي والإسلامي



إن لكلمة – الأم – من الإيحاءات والظلال والمعاني، ما ليس لكلمة – الوالدة – كما قالت الأديبة – مي زيادة – »لأن في الأمومة معني رفيعاً يسمو بالمرأة إلى الإشراق على النفوس والأفكار« ...وهذا المعني الرفيع هو الرصيد الإنساني المدّخر للأمومة في آداب العالم وفنونه شرقاً وغرباً، قديمًا وحديثاً. وللأم في التراث العربي والإسلامي مكانها المرموق ،الذي لا تضاهيها مكانة.
الأم والدة، ولكن ليست كل والدة أمّاً، أي تحمل صفاتها. فالأم من الأمومة، أما الوالدة فهي من فعل الولادة: »ولدتْهُ أمُهُ ولادةً وإلادةً على البدل، فهيَ والدةٌ على الفعلِ، ووالدٌ على النسبِ... وكل حاملٍ تلدُ، ويقالُ لأمِّ الرجلِ: هذه والدةٌ. وولدت المرأةُ ولادا وولادةً، وأولدت: حانَ ولادُها.« ( العين: ولد) ولم تختلف المعاجم في ذلك. وقد فرق القرآن الكريم بينهما تفريقًا واضحًا؛ فجاء لفظ الأم واشتقاقاتها التي تدور في فلكها(86) مرة، كما ورد لفظ الوالدة واشتقاقاتها التي تدور في إطار المعنى نفسه أيضا (104) مرات. ولدى قراءتها قراءةً متأنيةً يتبين أن القرآن الكريم عبر عن المعنى المقصود باللفظ المناسب؛ من حيث إن الله – تعالى – يطلق لفظ الوالدة على المرأة التي تنجب الابن مهما كانت مواصفاتها وصفاتها، حسنةً أو قبيحةً؛ بل هي عملية إنجاب تتم عند الإنسان وتتم أيضا عند الحيوان عندما يلتقي الذكر بالأنثى وما يتبع ذلك من حمل وإرضاع، فقال تعالى: »والوالِداتُ يرضعْن أولادَهُنَّ حولين كاملين لِمَن أرادَ أن يُتمَّ الرضاعة« (البقرة:233) وهذه الوالدة التي تحمل وتلد هي محل البر والإكرام كالوالد لا فرق بين السيئ منهما والحسن من حيث وجوب البرِّ بهما، لقوله تعالى: »وَقَضَى ربُّكَ ألا تعبدوا إلا إياهُ وبالوالِدَيْنِ إِحسَانَا« (الإسراء:23) حتى لو كانت الوالدة بغياً أو كافرةً. في حين أطلق الله تعالى لفظ الأم على الأصل الطيب الكريم الذي هو رمز التضحية والفداء والطهر والنقاء والحب والحنان، وهي الأصل الذي يتشرف الولد به ويفخر بنسبه له ونسبته إليه. ففي قوله – تعالى – الذي جاء على لسان عيسى – عليه السلام –: »وبراً بِوَالِدَتي وَلَم يَجْعَلْني جَبَّارَاً شقياً« (مريم: 32) يتكلم عن البر والإكرام لذا قال (والدتي) أما في حديثه عن الأم الكريمة المعجزة فقال –تعالى–: »ما المَسِيحُ ابنُ مريمَ إلا رسولٌ قدْ خَلَتْ مِن قَبلِهِ الرُسُل وَأُمُّهُ صِدّيقَة...« ( المائدة:75)، وعندما أراد – سبحانه – أن يلفت الانتباه ويبين معاناة الأم من جراء الولادة من حيث مقدماتها وآثارها ونتائجها فقد قال – عز وجل – : »وَوَصَّينا الإنسَانَ بِوالِدَيْهِ إحسَانَا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهَاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهَاً وَحَمْلُهُ وفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شهراً...« (الأحقاف:15) فالإحسان واجب المرء تجاه والديه كليهما، أما معاناة الحمل والوضع والإرضاع فهي من نصيب المرأة الأم، وبهذا فإن الإنسان مطالب بالوقوف مطيعًا ومحسنًا أمام أمه أكثر من غيرها لما عانته من الحمل والوضع والإرضاع؛ ولهذا كان القرآن الكريم يذكّر بمعاناة الأم التي تتكبدها أثناء الحمل والوضع والإرضاع عندما يذكر الوالدين. ولأن معنى الأمومة يتجاوز حالة الحمل والوضع والإرضاع إلى الشعور بالعلاقة الخاصة، فقد ذكر القرآن الكريم أن زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم – هن أمهات المؤمنين، فقال تعالى: »النبيُّ أولى بِالمُؤمِنينَ من أنفُسِهِم وأزواجُهُ أُمّهاتُهُم« (الأحزاب:6) وليؤكد هذا الفارق بينهما يشير إلى أن الأم قد تكون هي التي تحمل وتضع وترضع وقد لا تكون، فيقول تعالى:»وأُمَّهَاتكُم اللاتِي أَرْضَعْنَكُم« (النساء:23)، أي هناك أمهات لسن هن من يرضعن، وإنما يحملن معنى الأمومة، وصفات الأمومة، وهذا لا يعني نفي كون الأم هي الوالدة وإنما يوضح فروقاً بينهما، ولهذا يقول تعالى: »يَخلُقُكُم في بطونِ أُمَّهَاتِكُم خَلقَاً مِن بَعدِ خَلق« (الزمر :6) ولا ينتقص واحد من هذه المعاني من قدر الأم أو الوالدة في شيء، لقوله تعالى: »وَوَصّينَا الإنسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلتهُ أمُّهُ وَهْناً على وهنٍ، وفِصالُهُ في عامين أنْ اشكرْ لي وَلِوالِدَيكَ إليّ المَصير، وإن جاهداكَ على أن تُشرِكَ بى ما ليسَ لَكَ بِهِ علمٌ فلا تُطعْهُما وصاحِبْهُما في الدّنيَا مَعْرُوفاً واتّبِعْ سبيلَ من أنابَ إليَّ ثمَّ إليَّ مرجِعُكُم فأنبئكُم بما كنتُم تعمَلون« (لقمان:14-15)(1).
فعلى الرغم مما نقل إلينا من أخبار تدل على ما كان للمرأة العربية في الجاهلية من مكانة مرموقة ومآثر باقيات إلا أن تلك الأخبار لم تَذُعْ فينا كما ذاعت الأخبار الأخرى التي تتحدث عن البنات وانتقال الزوجات بالميراث من الآباء إلى الأبناء وما إلى ذلك من الضعة والهوان(2).
والحق أن المؤرخين والرواة لم يضنوا على المرأة العربية نقل وتسجيل مآثرها وهذا المقال محاولة إلى تصحيح معلوماتنا عن الأنوثة والأمومة ومكانتهما في التراث العربي والإسلامي.

* الأم في اللغة العربية :
وكلمة – الأم – في معاجم لغتنا العربية ،لا تكاد تخرج عن معنى الجامعية أو معنى الأصالة للشيء طبقًا أو وضعًا، وحقيقة أو مجاز، كما تنطق بذلك الكلمات الآتية علي سبيل التمثيل لا الحصر: – أم القرى – بمعنى مكة المكرمة مشرق الإسلام، و – أم النجوم – بمعنى المجرة، وهي منطقة سماوية بيضاء قوامها نجوم كثيرة، لا يدركها البصر المجرد، ويشبِّهها شعراؤنا العرب بالنهر تشبيها بليغا قائلين »نهر المجرة«، وهناك – أم زفر – كناية عن الدنيا و – أم مثواك – كناية عن صاحبة المنزل الذي تقيم به، و– أم الرمح – كناية عن الراية تلتقي لديها وترجع إليها جميع الرماح وغيرها من الآلات الحربية القديمة.

* أما عن لفظ الأم المعني به مقالنا :
ليست الأُمُّ هي الوالدةُ وحسب؛ بل هي أكثرُ من ذلك، ولهـــذا تأنّت المعاجمُ اللغويةُ العربيةُ المختلفةُ عندَ الحديثِ عنها. فمنَ الأُمِّ اشتُقَّت الأُمومَةُ التي هي عاطفةٌ أودَعَهَا اللهُ – تعالى – في الأُنثى الوالدةِ السويةِ لتدفعَها إلى كثيرٍ من الشفقةِ والحنان. ومن هنا كانت الأُمّ أصلَ الأشياءِ: "أُمّ الشيءِ: أصلُهُ. والأُمّ والأُمُومَةُ: الوالِدَةُ. وأَمَّت تَؤُمُّ أُمُومَةً: صارت أُمّاً. وقال ابنُ الأعرابيِّ في امرأةٍ ذَكَرَها: كانت لها عمةٌ تؤُمُّها، أي تكون لها كالأُمّ. وتأمَّها واستأمَّها وتأمّمها: اتخذها أمّاً .
فيقول ابن فارس "الهمزة والميم أصل واحد تفرع منه أربعة أبواب وهى الأصل والمرجع والجماعة والدين وهذه الأربعة متقاربة يقال أمت المرأة تؤمُ أمومة : صارت أموماً وأمت ولدًا صارت له كالأم تغذيه وتربية يقول الشاعر:
تؤمهم وتأبوهما جميعـًا
كما قد السُّيور من الأديم(3)
ومن الجذر نفسه "الهمزة والميم" جاءت الأم بمعنى الوالدة وتطلق أيضًا على الجدة يقال حواء أم البشر ومنها أربع لغات أم و إم وأمه وأمهه يقول قصي بن كلاب .
وأني لدى الحرب رخي اللبب
عنـد تناديهم بهال وهـبـي
معتـزم الصولـة عالي النسب
أمهتي خنـدق واليأس أبـي(4)
وفي مختار الصحاح "أمُّ الشئ" أصلة والأم الوالدة والجمع أمًّا وأصل الأم أمههُ ولذلك تُجمع على أمهات وقيل الأمهات وقيل الأمهات للناس والأمات للبهائم(5).

* مكانة الأم في العصر الجاهلى:
لا أكاد أعرف أمه قديمة بلغت كرامة الأمومة عندها ما بلغته عند العرب فقد روى المبرد في الكامل أبيات للسليك بن السلكه تعبر عما كان يرهقه ويضنيه من وجود إماء قد أذلهن الرق وأزرى بهن التبذل مع قصور يده عن افتدائهن جميعا كرامةً لأمه وكانت جاريهً حبشيةً فلذلك يقول:
أشاب الرأس أنى كل يوم
أرى لي خاله بين الرجال
يشق علىّ أن يلقين ضيما
ويعجز عن تخلصهن مالي
ولأبناء العقائل الكريمات من الحرص على عزة الأمومة في الجاهلية وصيانتها بالمُهَج والأرواح من ذلك ما رواه صاحب الأغاني من قصة عمرو بن هند ملك الحيرة مع عمرو بن كلثوم حين قال عمرو بن هند يومًا لجلسائه "هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا نعم أم عمرو بن كلثوم. فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره وسأل أن تزور أُمهَّ أمهَّ فأقبل أبن كلثوم مع ليلى ودخل أبن كلثوم رواق ملك ابن هند وأدخلت ليلى إلى هند وكان عمرو بن هند قد أوصى أمه أن تنحي الخدم وتستخدم ليلى. فلما أطمأن المجلس لليلى قالت هند لها ناوليني يا ليلى ذلك الطبق فقالت ليلى في نفور وأنفة لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها فأعادت هند عليها وألحت وإذا ذاك صاحت ليلى "وأذلاه.. يا لتغلب!" فسمعها ابنها فثار الدم في عروقه وانتفض قائلاً "لا ذلِّ لتغلب بعد اليوم!" ثم نظر حوله فإذا سيف معلق بالرواق فوثب إليه وأطاح به رأس أبن هند.
وانشد يومئذ معلقته المشهورة مرتجلاً.
أبا هنـد فلا تعجـل علينا
وانظـرنا نخبـرك اليقينا
بأنا نورد الـرايات بيضًا
ونصدرهن حُمراً قد روينا
ألا لا يجهلن أحـد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا(6)
وظلت – تغلب تعظم قصيدة عمرو ويرويها صغارهم وكبارهم على تتابع الأجيال كما ظل مقتل عمرو بن هند مفخرةً لهم يباهون بها:
قال الفرزدق: (قومي قتلوا بن هند عنوةً)
وقال الأخطل لجرير يفخر بعمرو ومره أبني كلثوم:
أبني كليب إن عَمَّيَ اللذا
قتلا الملوك وفككا الأغلال
إلى مثل ذلك بلغت غيرتهم على الأمومة . وقد شهد الرواة إلى جانب هذا للأم العربية بالطموح ولم يجحدوا ما كان لها من نصيب في عظمة بنيها : روى القالي أن – أم الفضل بنت الحارث الهلاليه كانت ترقِّص ولدها عبد الله بن عباس قائله:
ثكلت نفسي و ثكلت بكر
إن لم يسـد فهـراً وغير فهر
بالحسب العدِّ وبذل الوفـر
حتى يُواري في ضريح القبر(7)
ويروى صاحب الأغاني أن حاتماً الطائي إنما ورث الجود عن أمة ، ويروى أن صفية بنت عبد المطلب كانت تضرب ولدها الزبير بن العوام بن خويلد وهو صغير وتغلظ عليه فعاتبها عمه نوفل بن خويلد في ذلك وقال لها أنت تبغضيه – فقالت:
من قال إني أبغضه فقد كذبٌ
وإنما أضـربـه لـكي يلـب
ويهـزم الجيش ويأتـي بالسلب
ولا يكن لما لــه خَبء مخب
يأكل ما في الطلِّ من تمروحب(8)
كذلك أنصفها الذين كتبوا عن حياة العرب في الجزيرة فنوّهوا بذكر المنجبات من عقائل العرب فذكروا أن فاطمة بنت الخرشب أنجبت لزياد العبسي أبناءه الذين اشتهروا بلقب – الكَمَلة – وهم ربيع الكامل وقيس الحفاظ ومارة الوهاب و أنس الفوارس .
روى أنها سئلت يومًا "أي بنيك أفضل؟" فظهر عليها التردد وهي تقول في حيرة الربيع لا بل قيس ثم هتفت "ثكلتهم إن كنت أدري أيهم أفضل؟ هم كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفها. وليس ببعيد عن مظاهر مجد الأمومة وما كان من إعزازهم لها أن عددًا غير قليل من قبائل العرب وبطونها نزع إلى أمهّ وآثر الانتساب إليها كبني – الخندف وهي ليلى بنت عمران القضاعية زوج إلياس بن مضر ومنها انشعب كثير من بطون العرب كهذيل وكنانة وأسد(9).
بقى أن نشير إلى أي مدى كان أثر الأم في تكوين ولدها الذي يعتز بها مثل ما قال صلى الله عليه وسلم معتزًا بأمهاته في الجاهلية "أنا أبن العواتك من سليم" وما من قارئ يتتبع مساق النسب الذكي في السيرة النبوية إلا عجب لعنايتهم البالغة بذكر الأمهات مهما ترتفع الأصول وتبعد . وما هكذا يكون الأمر مع أناس أهدروا المرأة فيهم وأنزلوها منزلة الهوان ولا هكذا يكون سلوك قوم ألفوا أن يئدوا بناتهم على نطاق واسع دون أن يكون لها من أمرها شيء(10).



 توقيع : حسن 10

رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأم, التراث, العربي, والإسلامي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التراث الثقافي سمير رامي كمال - الأخبار والأعلانات المتنوعه واحداث العالم 0 03-22-2020 01:48 AM
هل تريد معرفة برجك العربي بالأسم واسم الأم ادخل هنا ؟؟؟؟؟ عذبة الانفاس التنمية البشرية وتطوير الذات 8 10-10-2010 09:31 PM
الفرق بين تعامل الرجل الغربي والرجل العربي مع الزوجة وردة أمل حــــــواء 7 06-23-2008 07:07 PM
صور من التراث عن بلادي قطر الريم - الأخبار والأعلانات المتنوعه واحداث العالم 1 08-20-2007 01:48 PM


الساعة الآن 05:34 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

هذا الموقع يستعمل منتجات MARCO1