2009ويمضي عام من العمر

نحن الآن أمام إطلالة عام جديد هو عام ( 2010 ) , نودع عاماً ونستقبل آخر فكل عام وأنتم بخير.

كم من أعوام مضت وكم من أعوام ستستقبلها البشرية , ويحتضنها الإنسان .لا يعني رحيل عام ومجيء آخر أن سنة جديدة أضيفتإلى شهادات ميلادنا فأصبحنا أكبر سناً فحسب , , بل يعني أن كلا منا تقدم خطوة على طريق الخبرة والنضج والمعرفة .



رحل عام , فأضاف إلى ما كنا نعلمه علماً جديداً , وأتى عام جديد , سيضيف إلى الذي تعلمناه علماً وخبرة أكبر.



هكذا تترك السنون والأعوام بصماتها على الحضارة البشرية , وعلى عنصرها ( الإنسان ) , يمر عام تلو الآخر وعقد يليه عقد , وقرن بعد قرن , والإنسان يقفز من درجة تطور إلى أخرى , يصنع الحضارة ويسجل الانتصار . ينقل عالمه الذي يعيشه , إلى عالم أكثر تقنية وتطوراً تكنولوجياً . ومع تقدم المسافات الزمنية , بدأ ينجز خلال العام الواحد قدر ما كان ينجزه قديماً خلال قرون . ترى هل كان الآباء الأولون يتصورون أن أبناءهم سيحققون من الإنجاز العلمي خلال ستين عاماً ما حققته البشرية كلها خلال كل عمرها ؟ هل تصوروا ذلك ؟ .



لقد حقق الإنسان إنجازاً علمياً خلال الستين عاماً الماضية يساوي ويعادل أو يفوق كل ما أنجزه من علم وتقدم طوال تاريخه السابق على هذه السنوات الستين . لقد ابتكر فنون الصناعات الجديدة , وتقدم بفنون الزراعة , وأحرز تطوراً مذهلاً في تقديم الخدمات , وقفز بوسائل الإعلام والترفيه , وحتى تلك المطالب الإنسانية والاجتماعية التي كان يتطلع إليها على أنها مطالب بعيدة , أقدم عليها وحولها إلى ممكنات وضروريات , أصبحت الحياة بكل مشاكلها ومصاعبها وصراعاتها أفضل كثيراً مما كانت عليه قديماً .



تم كل ذلك بالتدرج والتدريج , تم عاماً بعد عام , وكل إنسان يسعى إلى الأفضل , وإذا حقق ذلك الأفضل , سعى إلى الذي أفضل منه . ما ينطبق على الإنسان , ينطبق على الأسرة , ثم المجتمع حتى يصل إلى الكون بأكمله . لا يحدث التقدم فجأة , بل يحدث لكل طرف من تلك الأطراف بالعمل والسعي , ثم بالوقت اللازم الذي يمثل مساحة في عمر كل إنسان وكل مجتمع .



لذلك لا بد أن نقف أمام إطلالة العام الجديد , عام ( 2010 ) لنلقي نظرة على العام الماضي ونحاسب أنفسنا ونتساءل , ماذا أنجزنا ؟ هل مر العام دون أن نحدث تقدماً سعينا إليه وعملنا من أجله ؟ أم أننا تقدمنا بعض الشيء دون أن نصل إلى التقدم الذي أردناه ؟ .



كما أننا يجب أن ننظر إلى العام الآتي إلينا ونحدد ماذا نريد منه ؟ هل نريده مجرد عام يأتي ليمضي ؟ أم أننا نريده أفعالاً وحركة وسعياً للأمام ؟ .



لا يمكن لأي تقدم أن يخضع للتلقائية والعفوية , بل بتحقق الإنجاز والتقدم المرغوبين بناء على حركة واعية يتم التخطيط لها ويوضع لها السعي العلمي . لا يحدث ذلك على مستوى الوطن فحسب , بل يتم على مستوى الأسرة وعلى مستوى الفرد . ولأن الإنسان يتميز عن كل المخلوقات الأخرى بالعقل الدافع والصانع للفكر , فإن حركته وتقدمه تحققا نتيجة لهذا التخطيط الواعي .



من هنا وجب علينا أن نستقبل هذه الإطلالة الجديدة لهذا العام الجديد بوضع كشف حساب للعام الماضي والاستعداد للعام المقبل .



لماذا لم نحقق كل ما أردناه , وكيف نحققه في العام الجديد على مستوى الفرد . هل خططنا لتطبيق الطموحات المختلفة في مجال العمل , والتقدم في مراتبه , والعمل على جمع وترتيب أولوياته ؟ هل قررنا أن نتعلم المفيد والقيّم , ونعمل به ونعلمه للغير ؟ هل قررنا أن نختار الشريك المناسب , وعلى أي أسس اعتمدنا في هذا الاختيار؟ وإذا كنا نلهو في علاقات عابرة , هل تساءلنا إلى أي مدى سنغرق في خطاياها نفسياً وصحياً ؟



على مستوى الأسرة هل سنضيف للأسرة بعض الاحتياجات , كم ستتكلف وكيف ندبر الأمر ؟ هل سينتقل الأبناء إلى مراحل تعليمية أعلى , وكيف نوفر لهم الظروف والمال المطلوب ؟ هل كانت العلاقة الزوجية قوية أم باهته وباردة ؟ وماذا يمكننا أن نعمل في العام الجديد لنغيرها إلى دافئة ؟ هل نحن على أعتاب زيجات جديدة للبنات والأبناء , كيف نواجه التزاماتنا المالية ؟ هل نمتلك احتياطياً لمواجهة المفاجآت غير السارة , أم أننا نتركها تواجهنا دون الاستعداد لها ؟



علينا أن نواجه الإطلالة الجديدة بنظرة بعيدة تمتد إلى نهاية العام الجديد , يجب ألا نترك مصيرنا كأفراد وأسر للعشوائية والتلقائية . وفي كل الأحوال ستستمر الحياة الأكثر تنظيماً أفضل من تلك الأكثر فوضوية .