[aldl]http://www7.0zz0.com/2011/08/18/09/287093193.jpg[/aldl]
يقول علماء اللغة: إن الأزمنة ثلاثة: ماض، ومضارع، ومستقبل..
ويقول علماء ال*ياة: إن الماضي يعيش في المستقبل.
ويقول أهل ال*زم:
ما مضى فاتَ والمؤمَّلُ غيبٌ ولك الساعةُ التي أنت فيها
ويقول خبراء النفوس وأهل التجارب الصادقة: إنك لكي تسعد، يجب أن تتجاوز الماضي، ولا تطيل الوقوف عنده، ولا تكثر التلفُّت إلى الوراء، وتنسى إساءات الآخرين إليك؛ لئلا ت*مل أوزارها، وتنسى إ*سانك إليهم؛ لئلا يطول عتابك وألمك؛ (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) [الإنسان:9].
وعليك أن تعمل في ال*اضر بجدٍّ، فما لم يكن لديك مشروع ما، تتوفر عليه وتعطيه عقلك وقلبك ووقتك؛ فستكون ال*ياة عبئًا عليك، وستمر دقائقها متثاقلة بطيئة، ولن تجد لها معنى..
رو*ك في مشروعك.. ولو كان صغيرًا أو عائليًّا أو *ياتيًّا، وأجدر أن يكون علميًّا معرفيًّا، أو تربويًّا، أو إصلا*يًّا، أو إنسانيًّا.. فالأبواب مُشْرَعة، والفرص بعدد أنفاس ال*ياة، أو تزيد!
كما عليك أن تتفاءل بالمستقبل، وت*سن التخطيط له بواقعية و*ُلُم.
الواقعية ت*ميك من الاندفاع غير المدروس.
وال*ُلُم يمن*ك قدرًا من الخيال والإبداع؛ لتسمُو وترتقي!
نستشهد بعلماء اللغة لبيان أهمية اللغة في جميع ذلك، فتكرار ال*ديث عن مآسي الماضي وإخفاقاته وآلامه؛ هو استدعاء لها، ونفخ لل*ياة فيها من جديد.
والدندنة *ول مخاطر المستقبل ومخاوفه وا*تمالاته السلبية؛ تعوق عن العمل في ال*اضر، وتدمِّر الرو* المعنوية؛ فيخسر المرء أبعاد الزمن الثلاثة.
واللغة السلبية عن الذات وفشلها، وقابليتها للتدمير والت*طيم، وسوء ال*ظ الذي يتربَّص بها؛ هو من ظلم النفس، فلا تظلموا أنفسكم، ولا تظالموا.
قل لي ما هي لغتك؟ أقل لك مَن أنت!
وبمقدورك أن تتعرَّف على الكثير من خفايا النفوس ودخائلها ومشكلاتها وعُقَدِها؛ عبر السيا*ة في نصٍّ كتبه أ*دهم، أو الاستماع إلى *ديثه، مهما كان الموضوع الذي يطرقه، ومهما *اول التعمية:
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
الوالد الذي يسبُّ ولده، ويُعيِّره بالإخفاق، ويتوعَّده بالان*راف، ويهدِّده بمقبلات الأيام، يرسم مستقبله، ويدفعه إليه دفعًا دون وعي.
والداعية الذي يواعد الناس بالمزيد من المشكلات والبلايا والرزايا، هو داعية إليها، أراد أم لم يُرِد، و«مَن قال: هَلَكَ الناسُ. فهو أَهْلَكُهُمْ» كما يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم.
وال*اكم الذي يت*دَّث عن ال*رب الأهلية، هو يُ*ضِّر لها، ويستجمع قواه، ويجرُّ الناس إليها، فما تقوله هو ما تفعله، وهو ما ي*دث غالبًا ب*كمة الله، وفي ال*ديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بي، فَلْيَظُنَّ بي مَا شَاءَ». رواه أ*مد، وابن *بان.
فلنكن دعاة إلى اللغة الجميلة، ولنردِّد سرًّا وعلنًا عبارات التفاؤل الإيجابية، وكلمات ال*ب والأمل وال*ياة، ولنقدِّر أثر اللغة في صياغة عقولنا ومشاعرنا.
الرسول صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس سعادة في ال*ياة، و*ين يقول له ربه: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) [الض*ى:4]، فهذا معناه أن الأولى خير أيضًا، والآخرة خير وأبقى، ولذا طابت له ال*ياة، وأخذ من متاعها، دون غفلة عن الآخرة، وما ترك شيئًا من الطيبات المبا*ات المتا*ات إلا وأخذ بنصيبه منه، دون أن يتكلَّف مفقودًا، أو يَرُدَّ موجودًا.
وكان أكثر الناس عبادة، وقام *تى تفطَّرت قدماه، ودعا وصبر وصابر، وعمل صال*ًا.
وكان أكثر الناس إيمانًا، فهو سيد ولد آدم وإمام الأنبياء.
وكان أكثر الناس تفاؤلًا، كان يتفاءل بالكلمة الطيبة، والاسم الجميل، والأرض الطيبة، والرؤيا الصال*ة، ويلتقط الإشارة الإيجابية من الكون: «أُ*ُدٌ جَبَلٌ يُ*ِبُّنَا وَنُ*ِبُّهُ». ومن البشر: «سَهُلَ أَمْرُكُم». ومن ال*ياة: «لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا».
عن خَبَّابِ بن الأَرَتِّ رضي الله عنه قال: شَكَوْنَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له فى ظلِّ الكعبة، فقلنا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لنا، أَلَا تَدْعُو لنا! فقال: «قد كان مَن قبلكم يُؤْخَذُ الرجلُ، فيُ*فرُ له فى الأرض، فيُجعلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشار، فيُوضَعُ على رأسه، فيُجعلُ نصفين، ويُمَشَّطُ بأَمْشَاطِ ال*ديد ما دونَ ل*مه وعظمه، فما يصُدُّهُ ذلك عن دينه، والله، لَيَتِمَّنَّ هذا الأمرُ، *تى يَسِيرَ الراكبُ من صَنْعَاءَ إلى *َضْرَمَوْتَ، لا يخافُ إلَّا اللهَ، والذِّئْبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلونَ». رواه البخاري.
وعدٌ بظهر الغيب صادق، ت*قَّق بعد *ين، و*ديثٌ عن الأمن يضرب بجيرانه في أرض الإسلام مع ال*رية!
لم يكن الأمن نقيض ال*رية ولا عدوَّها: «لا يخافُ إلَّا اللهَ»، ومن الدقة قال: «والذِّئْبَ على غنمه» أما ماله وعرضه ونفسه و*قوقه فمصونة عزيزة.
هذا كان يقلق المسلمين ويجعلهم يستعجلون الأمر، فالإسلام دعوة لل*رية والكرامة الإنسانية وال*قوق.. وفي هذا المقام لم يشر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوال الكفر والشرك، ولكنه أشار إلى زوال الخوف والظلم، وهذا سر عظيم.
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة:126].
*ذار أن يمنعك *اضرك عن رؤية الأمل الواعد في المستقبل، غياب الأمل هو الموت، هو القنوط: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَ*ْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [ال*جر: 56]، (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْ*ِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87]. أكثر مَن يعجبني من الشعراء الأ*ياء: الشاعر تميم البرغوثي، أستمتع ب*رفه ولفظه، ثم وجدت الشاعرة نبيلة الخطيب تسير في ذات الطريق، ومن لطيف شعرها:
يا أُمُّ.. هذا الطفلُ فجرٌ قد تلفَّعَ بالضبابْ
والشمسُ ناعسةٌ تطلُّ عيونُها من كُوَّةِ الكهف الخرابْ
تستلُّ غفوةَ أهلِهِ
فإذا أَفاقَ النائمونْ
وتك*َّلت بالنُّورِ *بَّاتُ العيونْ
فلتوقِني يا أُمُّ أنَّ الصب*َ آذنَ باقترابْ
وفي قصيدتها: (عاشق الزَّنْبَق):
يا خِلُّ طيفك لم يبرَ*ْ ذُرَى أملي وكلَّما مسَّ قلبي اليأسُ أمَّلهُ
تلا عليَّ *ديثَ الرُّو* ثمَّ إذا صمَتُّ أب*رُ في معناهُ رتَّلهُ
يَرقي جرا*ي فلا ألقى لها أثَرًا كم علَّ قلبيَ في لمْ*ٍ وعلَّلَهُ!
الوقتُ أرسلَ قُرصَ الشمس يوقظُنا فأسدلَ الليلُ أستارًا وأغفَلهُ
فعُدتُ أسألُ علِّي لستُ *المةً ماذا أتى بك؟ قال: الوجدُ والولهُ!
ما أجمل أن ينبثق ال*لم الجميل من قلب المعاناة! وأجمل منه أن يت*ول ال*لم إلى هدف تستشرفه وتض*ي من أجله بالنفس والنفيس.
د. سلمان بن فهد العودة