إكسب ذاتك

في كتابه الجديد «اكسب ذاتك» يغوص الأكاديمي والتربوي الدكتور بشير الرشيدي في أعماق النفس البشرية، ساعيا إلى اكتشاف مكنوناتها وخباياها، ومطلعا على إمكاناتها وطاقاتها، ومستشرفا ما يمكن أن تبدعه وتنتجه وتبتكره إذا ما أ�*سن توظيف قدراتها وتطلعاتها.

هناك تركيزا من المؤلف على أن يست�*ث الناس على تكوين صور ذهنية ل�*ياتهم، لكي يتم استثمارها على أكمل وجه، مع إمكانية الوصول إلى ذلك وفق غاية بسيطة جدا، وهي أن تكون لك غاية في ال�*ياة أو صورة ذهنية معينة.


ويوض�* المؤلف أن المقصود بالصورة الذهنية:


أمنية ببالك تريد ت�*قيقها....


أو هدفا تريد الوصول إليه...


أو مكانة في المجتمع..


أو منزلة عالمية...


أو منصبا... أو مالا....


أو صفات تريد أن تكون جزءا من ذاتك...


أو دعوة تسعى لنشرها...


أو أثرا ترغب في أن تتركه من بعدك...


أو عملاء خيرا تريد ت�*قيقه...


أو اكتشافا تريد الوصول إليه..


أو مساهمة في مسيرة ال�*ياة تريد أن تضيفها..


أو أي شيء في بالك تريد أن يت�*قق في واقعك...


وذكر المؤلف أنه وجد من خلال اتصاله بالناس أن كثيرا منهم لا يعرفون كيفية صنع أهدافهم أو كيفية صنع صورهم الذهنية، ولهذا كتب هذا الكتاب لكي يشر�* لهم أهمية الصور الذهنية لسعادتهم في دنياهم.


ولقد آثر الكاتب أن يكون الكتاب خفيفا.. لطيفا على القارئ خاليا من التعقيد، لكي يقرأه كيفما شاء، وليهدف في مجمله إلى إدراك أهمية تكوين الصورة الذهنية عند الإنسان.


بداية ال�*ياة


وفي فقرات أخرى من الكتاب يركز المؤلف على الذات البشرية فيقول:


إن ال�*ياة تبدأ من ذاتك، فأنت م�*ور الكون عند ذاتك، وكل �*ركاتك وانفعالاتك وعلاقاتك منطلقة من ذاتك، وتعود فائدتها أو ضررها على ذاتك. فإن أدركت ذلك وجب عليك أن تفكر في م�*ور الوجود كله عند نفسك. وقد لا تعني ذاتك شيئا مذكورا عند الآخرين، فذلك شأنهم لكن الأصل أنت، والفصل في الأمور عندك، فانظر إلى كيانك وكينونتك وقدّرها �*ق قدرها. وابذل في سبيلها �*سب قيمتها.


ثم يلفت نظر النفس إلى أصلها ووضعها وتطوراتها ووظيفتها، ويطر�* ذلك من خلال سؤال مل�* لطالما راود الإنسان :


من أنت؟؟ أنت مخلوق قد كرّمك خالقك، وأعطاك واصطفاك، وفضلك على كثير من خلقه تفضيلا، وأثبت ذلك في كتابه الكريم.


وذاتك شيء عظيم في الكون فأنت من سادة الأرض، وخليفة فيها، شعرت بذلك أم لهوت عن مهمتك، أنت إنسان سخر الله لك كل ما في الأرض، فلا ت�*قـّر من نفسك، فإن الوجود كله لا يستطيع إهانتك.


ويرى المؤلف في مب�*ث آخر أن كثيرا من الناس لا يتعاملون مع عناصر ال�*ياة التي تتجسد في ثلاثة عناصر هي:


1ـ أن تكون لك غايات تسعى للوصول إليها.


2ـ وأن تتعرف إلى إمكاناتك التي من�*ك الله إياها.


3ـ وأن تستمتع بال�*ياة ب�*لوها ومرها مهما كانت، فال�*ياة ر�*لة لطيفة، لا ت�*ولها إلى نكد وغم وهم مهما وجدت من صعوبات في تياراتها.


ويفصل في الآليات الضرورية لل�*ياة، فيبين أنها المهارات التي يتعامل معها الإنسان في ال�*ياة مثال:


- كيفية تكوين الصور الذهنية أو الغايات لل�*ياة.


- طرائق ت�*ويل النقم التي تواجه الإنسان إلى نعم يستفيد منها الإنسان، وت�*ويل المشكلات إلى فرص.


ويرى أن عادات التمتع بال�*ياة تكون سواء بما تراه من ألوان زاهية �*ولك أو أصوات باختلاف أنغامها أو مذاقات أو أ�*اسيس، ولذة الوجود أن ترى في الوجود متعة كبيرة من �*ولك.


ثلاثة عناصر


ويرى المؤلف أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية في هذه ال�*ياة يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، وهي:


أولا: وجود غايات وإن كانت صغيرة لكنها جديرة بالنسبة لك أن تعمل لأجلها.


ثانيا: استثمار الإمكانات التي تملكها للوصول إلى الغايات التي ت�*ددها، ومن أهم الإمكانات وجودك �*يا في هذه ال�*ياة إلى جانب ص�*تك وقيمك و�*واسك وعقلك، وكل شيء في الوجود من هواء وماء و�*ياة.


ثالثا: التمتع بال�*ياة مهما كانت الدنيا من �*ولك.


وعلى المرء ألا ينسى أن المجد عبارة عن جبال شاهقة من لا ي�*ب صعودها فإنه يعيش في �*فر ال�*ياة. ويرى أننا نعيب أ�*يانا على من يعيش في ال�*فر، لكننا نؤكد أن ذلك خيار من عند ذاته وليس مفروضا عليه من الواقع الخارجي.


وينص�* المؤلف كل من يريد الصعود والترقي وبلوغ الآمال بأن يستمتع في عملية الصعود رغم صعوبتها وارتفاع الأنفاس وانخفاضها، لأن لذتها تكمن في الإ�*ساس بالتمتع بما في الدنيا من �*ول المرء أثناء الصعود؟


وهنا على المرء أن ي�*دد لنفسه مكانته: إما �*فرة في القاع أو قمة في الجبل.


ويرى المؤلف في مب�*ث آخر أن الأ�*لام «هي بداياتك ووسيلتك للتعرف إلى ذاتك. فهي شرط لما يترتب عليها من خطوات. فمن دون تلك الخيالات عن موقع الذات في الوجود فإن الواقع لن يتغير، ولو لم يكن عندك إلا أ�*لامك فإنها بداية متعة في ال�*ياة».


أو كما قال الشاعر:


أعلل النفس بالآمال أرقبها


ما أضيق العيش لولا فس�*ة الأمل


ويقول الدكتور الرشيدي بهذا الصدد إن الأ�*لام والأماني والخيال شروط أساسية للترقي في مسيرة ال�*ياة. فاجعلها مصادر متعة وذلك بترجمتها إلى خطوات تؤدي إلى إنجازات وليس قفزات كبيرة قد تكلفك �*ياتك ووقتك ومالك. إن ت�*ويل الغايات إلى مرا�*ل م�*ددة وقابلة للت�*قيق يجعل ال�*ياة سلسلة من الإنجازات الممتعة، وأما الغايات الكبيرة التي ت�*تاج إلى زمن طويل وجهد كبير فإنها عادة تخلق التوتر النفسي الضار.


ويت�*دث عن تجربة تعلمها من علم النفس مفادها أن انطلاق الطاقة الذاتية وال�*ماس الذي يجده الإنسان في كيانه لا يتم إلا بوجود دوافع نفسية داخلية، ولا يمكن أن تتشكل تلك الدوافع دون أن تتصور الأ�*لام التي تريد ت�*قيقها.


ويلخص المؤلف هذا المب�*ث مقدما عددا من النصائ�* للطام�*ين فيقول إن على كل منها فعل الآتي:


1ـ ا�*لم أن تكون من تشاء.


2ـ فكر كيف تصل إلى ذلك ال�*لم.


3ـ اب�*ث عن مجال في ال�*ياة.


4ـ واكتشف رجالا ونساء قد برعوا في ذلك المجال.


5ـ وادرس سيرتهم الذاتية وخطوات نجا�*هم.


6ـ وتشبه بهم إن لم تكن مثلهم.


7ـ وتخيل نفسك وا�*دا منهم.


فإذا أردت أن تكون �*افظا للتراث فال�*فاظ كثيرون..وإذا أردت أن تكون مبدعا في ال�*اسوب فإن المبدعين في هذا المجال مازال معظمهم على قيد ال�*ياة.


خطوات ن�*و ت�*قيق الأهداف


ت�*ت هذا العنوان يت�*دث المؤلف عن كيفية ت�*قيق الأهداف في ال�*ياة فيقول : إن تكوين الصورة الذهنية أو الهدف أو الغاية التي تريد الوصول إليها قد يبدأ من خلال قراءات عن أولئك الذين �*ققوا وأنجزوا، أو بالاتصال بمن له إنجاز في ال�*ياة، أو بالتدريب على تكوين الصورة الذهنية، ثم ابدأ بيومك أو غدك، وارسم لنفسك صورة ماذا تريد أن ت�*قق؟


خذ على سبيل المثال:


1ـ زيارة صديق، قراءة كتاب، ممارسة رياضة، دراسة مادة، عقد صفقة، مشاهدة فيلم، �*ضور عرض، الاتصال بما تشاء.


2ـ فكر في الوقت الذي ستنجز فيه مهمتك وت�*قق غايتك.


3ـ سجل ذلك في ذاكرتك أو مذكرتك كما تشاء.


4ـ قيّم، اف�*ص، هل هذا يكفي أم تريد المزيد؟


5ـ أضف إلى جدولك بعض العناصر أو ا�*ذف منه بعض العناصر �*سب تقويمك لعملك.


وهكذا تتعلم كيف ترسم صورتك الذهنية وتخطط لأيام �*ياتك بلا تخبط في مسارك. ويرى المؤلف في مب�*ث آخر أن ال�*ياة لعبة شيّقة، أ�*يانا شقية وأ�*يانا شهية، لكن لا بد أن تعرف قواعدها وأهمها أن البركة في ال�*ركة، لكن ال�*ركة لا بد أن تكون باتجاه معين وليس �*ركة دائرية، والاتجاه المطلوب هو الوصول إلى أهدافك، فعليك بت�*ديدها والتفكير فيها، والخروج من شرنقة المشكلات إلى ر�*ابة المشاغل التي تستثمر بها طاقاتك لإنجاز المهمة.


ويروي درسا تعلمه في ال�*ياة مفاده أن مشكلات الدنيا لا تنتهي، وأن من انشغل بها كلية أشغلته وألهته عن إنجاز مهمته وإزالة غمته، ولكن من تعامل معها بعقله وقبلها على أنها جزء من ال�*ياة وليست كل ال�*ياة استثمر وقته وبلغ غايته.


وهنا ينص�* كل إنسان فيقول : إذا واجهتك مشكلات متعددة فاقبلها وتعامل معها، وإياك أن تأكل وقتك وتستولي على جميع عقلك وطاقاتك، فإن ذلك هو الهلاك. وا�*مل جرا�*ك معك إذا أصابتك السهام وواصل معركتك في ال�*ياة رغم نزيف الدماء، ولا تنس وأنت تداوي جرا�*ك أن تض�*ك مع ال�*ياة وتتمتع بها كما هي. فإن فيها ال�*لو وال�*امض، والأسود والأبيض على �*د سواء.


ال�*كمة اكتشاف الذات


وفي آخر الكتاب ينقب المؤلف في أعماق النفس البشرية ويقدم لها نصي�*ة ذهبية مفادها: إذا أردت أن تكون �*كيما، فلا بد أن تبدأ ر�*لة اكتشاف الذات، فإن نهاية الر�*لة ستكون بالغة عند نفسك. أي تعرف أين تضع ذاتك وت�*قق غاياتك، ويتم لك الارتيا�* والسلام الداخلي. ما أجمل وأنفع وأفضل أن يكون الإنسان متوافقا مع نفسه مرتا�* البال والضمير، وإن كان في معركة شرسة أو سجن مظلم، لكن السلام الداخلي هو قمة ال�*كمة التي يجب أن يصل إليها الإنسان.


ويختتم المؤلف توصياته ونصائ�*ه بالقول إنه ركز على ثلاثة أعمدة رئيسية في بناء الذات هي:


أولا: الغايات


وهي أن تعرف أن الوجود ب�*د ذاته غاية فاستمتع به، ولكن زيادة الاستمتاع أن تضع لنفسك صورا ذهنية تسعى للوصول إليها وال�*صول عليها، إنها أهدافك في ال�*ياة التي تضبط �*ياتك على أساسها، وتت�*كم في أوقاتك بناء عليها دون إخلال ب�*ياتك.


ثانيا: الإمكانات


أن تتعرف إلى إمكاناتك التي أنعمها الله عليك، وت�*مده على ما أعطاك من كل خير، فالوجود في �*د ذاته غاية وهو نعمة كبرى فلا بد من الاستمتاع بهذا الوجود على أكمل وجه.


ثالثا: التمتع بال�*ياة


ال�*ياة ر�*لة لطيفة، فاستمتع بها بكل ألوانها وأشكالها وأزهارها وطيورها، إنها نعمة في الوجود فلا تضيع هذه الفرصة بال�*سرات على ما فات، بل �*ولها إلى ل�*ظات كلها هناء وسعادة رغم بعض الأشواك التي ت�*تسبها عند الله سب�*انه وتعالى. ولا تغرق في مشكلاتها فإنها لن تنتهي أبدا، ولكن ا�*ملها معك وتمتع بكل جوانبها وبكل ل�*ظاتها، اغرف منها قبل نهاية الر�*لة واعلم أن الغرْفَ منها بطاعة الله نجا�* وفلا�* في الدنيا والآخرة.




والمؤلف يرى أن تلك هي الأعمدة الأساسية في كسب الذات، وبغيرها فإن بناء الإنسان يكون هشا قابل للانكسار في أي ل�*ظة، وأمام أول عاصفة أو صاعقة. وهذه الم�*اور الثلاثة أساسية لكي يستمر ويستقر الإنسان في مساره ويتخذ قراره المناسب �*سب واقعه.

تمنياتي بإستفاده عميقه ^_^

هنــاااا